حروب النقرات والتصفح والتريندات في منصات الميديا ...الجيل الجديد للتسويق الإجتماعي الرقمي

بقلم: أ. خالد حمادي 


"ماتصنعة الشاشة الإفتراضية اليوم هي صورة الصراع النفسي مع حروب النقرات والتصفح...حرب هندسة البشر بين يقضة الواقع... وصناعة الوهم الإفتراضي، ‏‎أصبحنا في زمان صناعة الأفكار بإمتياز، سوق سلعتها عقول البشر والمشكلة أن مشتريها بشر، وبائعيها بشر، الكل يعبر، والكل  مقلد، في زمن قلنا عنه أنه إفتراضي لا واقعي"                 

قديما ، كانوا يحدثوني عن عدم الإندماج مع السوشيال ميديا لإنه مضر على الحياة الإجتماعية ..

الآن ، بعد أن قمت بتنظيم حياتى  وعلاقتي  مع السوشيال ميديا أصبحت أكثر وفاء ، يحدثونى بأني كيف أصبحت منعزل عن الدنيا ..

‏يقول  نيكولا روبيرتو "عندما كنت موظفا؛ أنتقد المدراء  رغم سهولة ما يقومون به في نظري حتى أصبحت مديراً. لم أتعلم الدرس؛ فبدأت استنكر قرارات الرؤساء التنفيذين حتى صرت رئيساً تنفيذيا". 

تذكرت حينها كيف بشخص بسيط يصعب عليه إدارة وقته قاضيا معظمه في السوشيال ميديا. 

‏السّوشيال ميديا أصبحت عبارة عن بيت بلا أبواب، كل من  يتأسف من معيشته يطلع أسراره و أسرار بيته ولا يهمه أي  من معه في هذا الفضاء الإفتراضي الشاسع، و هذا حسب وجهة نظري خطأ قد يجعل منك فراد مراقبا عند كل خطوة تحاول تبريرها مستقبلا.

‏نحن نعيش زمن الإنفتاح التكنولوجي وخاصة عالم الإتصالات والنت، وهذا يشكل خطرا كبيرا داخل كل بيت داخله شباب وبنات فى سن المراهقة، وفي كل مجتمع فيه المحترم والسفيه، وفي كل وطن فيه الشريف والخائن، كيف وأعداء الإسلام والقيم والأخلاق يبثون سمومهم لهدم الشباب عبر السوشيال ميديا التى أصبحت أخطر من الأسلحة النووية والذرية.

‏‎أنظروا إلى حال الإنسان والإنسانية جمعاء كيف أصبحت في عالم السوشيال ميديا، وكيف وصل حال الإعلام اليوم، إنسان ينزف ولا  يجد من يسعفه أو ينقله إلى المستشفى فقط، هناك من يتفرج ويصور الحدث لكي ينشره ليكسب عددا تافه من اللايكات والإعجابات والتغريدات و يحصي  مرات المشاهدات، صحيح أن هذه الميديا ولدت النرجسيات ولكنها في المقابل صنعت المعجزات في الوصول إلى من كان صوتهم غير مسموع وكان كلامهم الصمت فيما مضى وفي ثورة الإعلام الموجه والمقنن. 

نحن اليوم أمام جيل المواطن الصحفي الذي يعبر وينقل وينتقد ويتفاعل وووو...، ولكن من نصدق خبره و تدوينته، الكل خلف الشاشة صغيرة يكتب ويصنع عالمه، وهذا بحد ذاته أنتج صراع من يمتلك المعلومة ومن يكون أسبق للتريند، من يغذي تدوينته ولو بإشاعة مغلوطة أو خبركاذب على حساب الضمير الإنساني، إننا أمام موقف من القادر أن يمنحنا المعلومة المؤكدة النقية، من هم أصحاب القرار، ومن يملك الصدق في هذا الفضاء العام، في زمن قيل عنه أنه عصر فوضى منصات الميديا، وحرب المعلومة وصناعة الرأي الفرداني، والتأويلات الجماعية لكل قضايانا وتحولات عصرنا، وهذا في زمن تعدد الوسائل وتششت الأذهان، في أي منصة نكتب، وأي قالب نصنعه لجمهورنا الإفتراضي، حتى نوازيهم فيما يفعلون ونكون ولو نموذج طبق أصل من حياتهم. 

 نعم هي هكذا ولدت فينا السوشيال ميديا بعض التصورات والأوهام أن نختبئ خلف قناع الشاشات، وبين ثنايا ماتكتبه لوحات المفاتيح الخاصة بنا، والتي بدورها أصبحت تصحح كلماتنا حسب توجهها هي، وتوجه خوارزميات الذكاء الإصطناعي في أن نقبل دون نقد مانريد الوصول إليه، ومالانرغب فيه عند كل دردشة أو تفاعل أو تعليق أو حتى في تفاصيل حياتنا اليومية مع البيئة التي نعيش فيها أو المجتمع الإفتراضي الذي يملك عنا نسخة وصورة ذهنية بناء على ما نضعه في منشوراتنا وقصصنا الشخصية وستوريات مدوناتنا. 

 لقد أصبحنا أمام واقع وجيل جديد، عالم نثني عليه إن إستغللناه جيدا، وعالم نستثنى منه إذا تبعنا تفاهاته ومغالطاته، هذه هي الميديا وخباياها، حق عليك أن تعرف فيها وعنها طريقك، لأنها ببساطة صنعت عالم موازي لعالمنا الحقيقي، يبقى أنت من تفرق وأنت من تحافظ على  قالبك الشخصي والمجتمعي وحتى الإفتراضي تحت سقف ماتراه وما تنتقيه، بناء على وجودك الفعلي و الإفتراضي في كل زمان ومكان وحسب كل خبراتك التكنولوجية وأخلاقك الإنسانية. 

عليك أن تحمي شخصيتك و أولادك وأسرتك من هجوم ضار صنعته آلات السوشيال ميديا، لقد أصبحت هذه المنصات فرد قابع داخل بيتك وخارجه، ينتهز الفرصة ليثني عليك، أو يكون مراقبا لخصوصياتك من كل تموقع إفتراضي أنت مشارك فيه.

‏السوشيال ميديا أصبحت مارثون يتمنى الجميع فيه أن يصلوا للمرتبة الأولى في صناعة ذاتهم مقابل الشهرة الزائفة، هنا لاننكر وجود مؤثرين إيجابيون صنعوا للمجتمع ومزالوا يقدمون، ولكن نتحدث أن مرض الشهرة هذا أصاب معظم مستخدمي هذه الوسائط، وجعلهم يعالجون مايفتقدونه في عالمهم الواقعي، بصناعته خلف شاشاتهم، ولجمهورهم الذي لايعرف منه إلا لغة اللايكات والمشاهدات

لو نرجع  لزمن ماضي ونرى كيف كان الناس يتراسلون بالبرديات! 

هل كانوا ينزعجون كما ننزعج  نحن اليوم في عصر التواصل الإجتماعي من صديق لم يعجب بمنشور، وآخر لم يعلق بكلمة، و ألوم جمهور آخر معي لايتفاعل رغم أنني قد لا أعرف منهم إلا أيقونة صفحاتهم الشخصية، لم أعد أتعجب من نتائج هوس وإنهماك وإنشغال الناس بالسوشيال ميديا في حياتهم، بل أصبحت هي حياتهم!

‏لم تتسائل يوما ؟

لماذا تستمر معظم الشركات الكبرى فى شراء معظم منصات السوشيال ميديا؟

كيف يتحكم شخص واحد فى بيانات معظم البشرية على هذه المنصات؟

أصبحت الان بصماتنا التى نفتح بها هواتفنا مسجله عندهم 

وجوهنا التى نفتح بها هواتفنا و تسجلها منصاتهم  أصبحت مسجله لديهم بمختلف الاشكال.

هل هو مجرد مبرمج أم هو ذكاء تقني وخوارزمي بناء على ما نستخدمه في هذه الوسائط الرقمية؟

‏ماذا لو كانت التكنولوجيا ليست وسيلة لجعل حياتك أسهل! 

بل وسيلة لزراعة الأفكار فى دماغك، ونشر أجندات و مخططات تلك المنصات وعملائها. 

الغرض الأسمى من الشاشات هى إلهائك بالقدر الكافي، بحيث لا تجد الوقت للفراغ، وبالتالي تصبح خاضع لعالمهم الإفتراضي المعزز بكل تفاصيله، أي أن تكون إنسان روبوت رقمي، ورقما مهما في بياناتهم ومؤشر تداولي في سوقهم وحربهم المعلوماتية والتسويقية.

‏‎السوشيال ميديا أصبحت عادة وجزء لا يكتمل إلا بها في حياتنا ... إيجابيات كتيرة لكن السلبيات أكتر .. ولكن يبقي السؤال كيف نستغلها أو نستخدمها بالشكل الأمثل في حياتنا وليس أن نبرز سلبياتها وتأثيرها علينا فقط. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نريد معرفة يوميات الأخرين؟...بين سيميولوجيا الجذب لدى نجوم الميديا وترندينغ الجمهور الشبكي

الدعايات المحوسبة...الجيل الجديد من حروب الهاشتاغ و صناعة البوتات الرقمية عبر منصات الميديا الجديدة

خلف كواليس شاشات السوشيال ميديا! ... لعبة صناعة التأثير والتسويق للمؤثرين