الخطاب العام لمستخدمي الميديا الجديدة بين خوارزميات التصفية للمحركات البحثية وتعزيز الخصوصيات المجتمعية - ظاهرة فقاعات الفلترة وغرف الصدى الرقمية نموذجا-

بقلم: أ. خالد حمادي، الجزائر 


قيل في عصر هيمنة الميديا الجديدة 

"الأنترنت تقنية غيرت شكل الكوكب الآن فأصبحنا اليوم بها سكان كونيين نستطيع أن نتواصل مع سكان القارات الأخرى كأننا في نفس المكان على الرغم من إختلاف الزمكان, فالانترنت الآن أصبحت بإمكانها جعلنا أكثر تواصلاً وبإمكانها جعلنا أكثر انغلاقاً على أنفسنا وخياراتنا والأشياء التى نفضلها……"


 يقول James Mcquivey


 “القدرة على التطوّر بأقرب خطوة مُمكنة, و هذا يعني أن تُحدِّد ما يُريد زبائنك و بسرعة تُعطِيهمْ ما تستطيع تقديمهُ لهم اليَوم. في هذا الخِضَمْ نحن لا يُمكِننا تنبُّؤ  الشكل الذي سيكون عليه مُنتجاتنا بعد عِدّة سنوات, نحن نبدأ من أوّل خطوة نستطيع أن نُلبّي فيها حاجات الزبون و ندع المستقبل يُحدِّد مَسارَنا“


 يميلُ المستخدم في مجتمع "الإنترنت" إلى تقبّل كلّ ما يدعم فرضياته وتوجهاته المسبقة، بغضّ النظر عن صحتّها. ويرى المتخصصون في علم النفس الإدراكيّ بأنَّ البشر يتّجهون -بطبيعتهم- للبحث عن المعلومات التي تتوافق مع ما يعتقدونه؛ متجاهلين كل ما يُعارض أفكارهم؛ لكي يتسنّى لهم العيش بعيدًا عن القلق الذي قد ينبثق عن حقيقة جديدة وصادمة، وبذلك يغيب العقل النقدي لديهم، فيسود الظلام وتُحجب الحقيقة.


 هذا النزوع نحو التفتيش عمّا يدعم وجهة نظرنا يسميه علماء النفس بالانحياز التأكيدي، الذي أدّى بدوره إلى نمو وتصاعد ما يُسمى بـ "القبلية الإلكترونية"، إذ تظهر المشاعر المشتركة والحماس للأفكار الشبيهة والمماثلة لمعتقداتنا، لتتحول العقلانية التكنولوجية إلى معضلة في حياة الإنسان المُعاشة، وبمجرد تشكلّ فرضية أو وجهة نظر حول موضوع ما، فإنَّ الانحياز يجعل الفرد حبيس أفكاره داخل فقاعات تحجب عنه كل ما يختلف عن اهتماماته الأيديولوجية والفكرية ليحافظ على منطقة أمانه، وقد تقود هذه الانعزالية إلى التعصب والتطرف والتعنت في الوصول إلى المعلومات والأخبار الجديدة والصحيحة منها.


 يعمل العقل النقدي على التخلّي عن كل المعتقدات الدوغمائية، وبمساعدته يستطيع الفرد-المستخدم- التخلص من كلّ الأفكار المسبقة وتحصين ذاته من الوقوع ضحية التحيّز الذي يشوّه الحقائق المرتبطة بالمجتمع الإنساني، خصوصًا أنَّ الواقع باتَ مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بعالم "السوشال ميديا"، الذي دأب بدوره عن إنشاء خوارزميات دعمت بشكل كبير التّماثل، خاصّة على صعيد إنشاء المستخدمين لعلاقات متشابهة، وأدخلت هذه الخوارزميات الفرد في فقاعات عُرفت مؤخرًا بفقاعات التصفية.


 نعيش اليوم في عالم "مابعد الحقيقة" حسب وصف الكاتب فرانسيس فوكوياما، عالم تنتشر فيه الأخبار المزيفة والمفبركة أكثر من الحقائق سواء كان بالصوت والنص أو الصورة. و يرى جون ثورنهيل أننا نعيش ما أسماه “فقاعات الفلترة”، ففقاعات الفلترة التي ذكرها جون ثورنهيل هي ما تلتقطه وسائل الإعلام من وسائل التواصل الاجتماعي بمسؤولية عالية، وتقدمها من دون حذر للجمهور اليوم. لأن التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي دمّرتا الحقيقة.


 ويكتب في صحيفة فايننشيال تايمز “نحن نعيش في عالم ما بعد الحقيقة، حيث بإمكاننا تجاهل الحقائق التي لا تُعجبنا والاستفادة من أي سرد شخصي نرغب فيه”.


 ‏تحيط "فقاعات الفلترة" الإنسان بقبيلة رقمية تضم مستخدمين تتشابه أفكارهم حد التطابق فيصبحون فرقة واحدة تنشد ما يطربهم لوحدهم.


 ‏جزء من العقبات التي تساعد على زيادة مستوى الحدة في خطاب الكراهية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي هي وجود فقاعات التصفية والتي تدعى (Filter Bubbles)، فما هي فقاعات التصفية؟


 وقد جرى استخدام مصطلح « فقاعات التصفية » Filter bubbles الذي أبرزه إيلي باريزر عام 2011 ؛ لتفسير أثر وسائل التواصل الاجتماعي في التطرف والاستقطاب السياسي في الإنترنت ، ويقصد به العزلة التي يمكن أن تحدث لمستخدمي الإنترنت عندما تعتمد مواقع الإنترنت على الخوارزميات لتقديم المعلومات التي تفترض أن المستخدم يرغب فيها ، وبذلك تحجب عنه وجهات النظر المغايرة.


 كنموذج واقعي يمكننا طرحه عن هذه الظاهرة الميدياتيكية، نقول أن منصة TikTok  هدفها الأساسي ليس التواصل بل الترفيه. ومع ذلك ، فإن TikTok تتعلم عنك من البيانات وتأخذ فكرة عما تريده وما تفكر فيه أصلا، فهو يستخدم البيانات لتخصيص الإعلانات التي تستهدف الإهتمامات الشخصية الخاصة بك ولخدمة مقاطع فيديو جديدة ومثيرة للإهتمام،حيث تروج لمحتواها الذي تخلقه دوما في صراعها التسويقي مع مختلف المنصات الرقمية الأخرى.


 ‏حيث يتعرض المستخدمون مرارًا وتكرارًا لوجهة نظر فردية أو نمط محتوى فردي، لذلك فهو يخلط الأشياء عن عمد، لذا تراقب الخوارزمية سلوكاتهم، وأحيانًا تخدمهم بشئ لم يتعرفون عليه. 


 ‏عندما تحدث إيلي باريسر” Eli Pariser مؤلف كتاب “Filter bubbles” عن شركات الإنترنت التي تسعى جاهدة لتفصيل خدماتها (بما في ذلك الأخبار ونتائج البحث) وفقا لأذواقنا الشخصية، إلا أن هناك خطورة غير مقصودة قد تنتج عن ذلك وسنجد أنفسنا قد وقعنا في فخ وأصبحنا محاصرين داخل فقاعات التصفية،


 ولذلك أقول أن محركات التي تحاول تصفية المعلومات بحيث تتفق مع ذائقة الباحث نفسه مشكلتها عزل الناس تماما عن وجهات النظر الأخرى.


 ‏سميت هذه الظاهرة بغرفة الصدى - Echo Chamber، وهي تسمية مستوحاة من الغرفة التي يستخدمها خبراء الصوت لإجراء تجارب على أجهزة صوتية، بمعنى أن الصوت نفسه ينعكس ويرتد إلى مصدره، وهي تشبيه لما يحدث لمن ينجذبون للمجموعات اللاتي تعكس نفس وجهات نظرهم مثل إنعكاس الصوت عندما يرتد إلى مصدره.


 ‏ويتم تضخيم حدث أو معلومة أو فكرة أو معتقد وتسليط الضوء عليه وإظهاره للعامة حتى ما تتوجه نحوه، وتتشكل هذه المجموعات تلقيائياً وعلى نطاق واسع من خلال شبكات التواصل الاجتماعي المتعددة ويتم طرح نفس وجهات النظر ومن يخالف الرأي فإن "الحظر" من نصيبه.


 ‏كتبت ياسومي سوا من وكالة أنباءkyodo News Japan ‎ "لطالما كان قطاع الأخبار الرقمية قلقًا بشأن فقاعات التصفية ، أو اتجاه الأشخاص الذين يقرؤون فقط القصص التي تتوافق مع عاداتهم وتفضيلاتهم على الإنترنت ، بدلاً من المعلومات المتوازنة والمهمة بشكل أساسي. ".


 السؤال الذي يطرح نفسه دائما؟


 ‏تتزايد المخاوف الآن بشأن عواقب الأشخاص الذين يعيشون في فقاعات التصفية، هل نصبح مستهلكين سلبيين؟ ماذا يحدث إذا عزلنا أنفسنا وعزلنا أنفسنا عن وجهات النظر المتعارضة ووجهات النظر المتناقضة والتفكير النقدي؟


 ‏يستخدم Facebook  خوارزمياته لتوقع السلوك البشري وإنشاء “منتجات تنبؤ” تسهل التلاعب بالناس، وجرى تسخير هذه القوة لإعادة تشكيل الشعبية، والتأثير على الانتخابات الأمريكية عام 2016، فقد تساعد فقاعات التصفية على فايسبوك في إقناع الناس بأن هناك دعمًا أكبر لموقفهم مما هو موجود بالفعل،وهو ما يولد نبوءة تدفع الناس إلى الشوارع،لكن على الرغم من أن وسائل التواصل قد لا تكون السبب الوحيد لحدوث التغيير، فمن المؤكد أنها تلعب دورًا مهمًا في ذلك.


 وبالتالي ، فإن خوارزميات الوسائط الجديدة قادرة على التوصية بمحتوى مخصص بشكل متزايد لمستخدمي المنصات الرقمية وكلما زاد عدد مستخدمي الإنترنت الذين يزورون هذه المواقع ، كلما كانت المعلومات أكثر تخصيصًا ، وبالتالي ، زاد احتمال اهتمامهم بها. علاوة على ذلك ، تعد خوارزميات التخصيص ضرورية لعمل هذه المنصات حيث إنها أساس نماذج أعمالها.


 وبفضل هذه الخوارزميات ، يمكن للمنصات أن تقدم للشركات الفرصة للإعلان عن منتجاتها بطريقة مستهدفة ، علما أن الإعلان هو المصدر الرئيسي لإيرادات الشبكات الاجتماعية الرقمية ، والشركات مستعدة بالفعل لاستثمار مبالغ كبيرة من المال لضمان استهداف إعلاني فعال.


 فقاعات التصفية Filter Bubbles أو ظاهرة غرف الصدى Echo Chambers والتي تؤثر على الكل، حيث ان الهدف الأول لكل تلك التطبيقات والشبكات هي كيف تجعلك تبقى لأطول فترة ممكنة على منصاتها، حيث إنها تجلب لك ما تريد وما تهتم له، وبينما الكثيرين يقولون وما المشكلة في ذلك؟ نجد أن هذه التطبيقات تفيد جداً في جلب ما تريده، ولكنها تغير من طبعك على المدى الطويل بشكل متطرف وتعطيك ثقة غير مبررة في قرارك هذا.


 عندما يريد الفرد أن يكون شيئًا ما صحيحًا ، فغالبًا ما يجمع فقط المعلومات التي تدعم معتقداته الحالية ويتجاهل أي عبارات يجدها متناقضة أو تتحدث بشكل سلبي عن معتقداته ، والأفراد الذين يشاركون في غرف الصدى يفعلون ذلك غالبًا لأنهم يشعرون بمزيد من الثقة في أن آرائهم ستكون مقبولة بشكل أكبر من قبل الآخرين في غرفة الصدى ؛ ويحدث هذا لأن الإنترنت وفرت الوصول إلى مجموعة واسعة من المعلومات المتاحة بسهولة،


 يتلقى الناس أخبارهم عبر الإنترنت بسرعة أكبر من خلال مصادر أقل تقليدية ، مثل Facebook و Google و Twitter وقد أنشأت هذه المنصات الاجتماعية والعديد من المنافذ الإعلامية عبر الإنترنت خوارزميات مخصصة تهدف إلى توفير معلومات محددة لخلاصات الأفراد عبر الإنترنت و حلت طريقة تنظيم المحتوى هذه محل وظيفة محرر الأخبار التقليدي ،  حيث يؤدي الانتشار الوسيط للمعلومات عبر الشبكات عبر الإنترنت إلى خطر حدوث فقاعة تصفية خوارزمية ، مما يؤدي إلى القلق بشأن كيفية تعزيز تأثيرات غرف الصدى على الإنترنت لتقسيم التفاعل عبر الإنترنت.


 ومن المهم ملاحظة أن أعضاء غرفة الصدى ليسوا مسؤولين بالكامل عن قناعاتهم  بمجرد أن يصبح جزءًا من غرفة الصدى ، قد يلتزم الفرد بممارسات معرفية تبدو مقبولة ولا يزال يتم تضليله ، و قد يكون العديد من الأفراد عالقين في غرف الصدى بسبب عوامل موجودة خارج نطاق سيطرتهم.


 خلافا للاعتقاد السائد، لا يحصر الأفراد عادة أنفسهم في دائرة ضيقة من الآراء التي توافق توجهاتهم على الإنترنت، أو ما يُعرف بـ "غرف الصدى" الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، بل يطالعون آراء أخرى متنوعة، ومع ذلك يستمر التخندق السياسي ولا تبدو في الأفق بادرة لإنهاء الاستقطاب السياسي.


 إذ قال سانستين إن هذا الفضاء الواسع قد يساعد على تجاوز عوائق اجتماعية وجغرافية بين البشر، مؤسسا لنظرة أكثر توازنا للعالم - وبنفس القدر قد يؤدي لحواجز جديدة مع الاصطفاف في خنادق تجمعنا بمن لهم نفس آرائنا فقط، وتفصلنا عن المخالفين في وجهات النظر، ومصادر المعلومات.


 الإنترنت تقوم بفلترة ما لا تحبه وتعطيك ما تحبه، وبهذا فهي لا تصحح لك المعلومات الخاطئة التي تعتنقها حتى لا تخرج من منصاتها، والموضوع مهم جداً لأنه لا يتعلق بحذاء رياضي، بل يمتد للآراء السياسية والصحية والعلمية.


 يتساءل الدكتور عبد الرحمن الحبيب:


 ‏هل يحصرنا الإنترنت في غرف الصدى؟


 الإنترنت يمكنه إطلاق عقلك كفراشة تسرح في حقول رحبة بين مختلف الزهور العطرة، أو يجعلك تتقوقع في شرنقة ضيقة تزدحم بأنفاسك.. أنت من يختار


 أما الإنترنت فوسيلة محايدة!


 كثير منا حصر نفسه في «غرفة صدى»


 ‏فهل تعلم بأن غرف الصدى تجعل الأمر يبدو كما لو أن الناس يقرأون أفكارك. إنها ليست كذلك!


 إنها مجرد خوارزميات تعكس فقط ما تريد منك أن تراه.


 ‏قد تحد وسائل التواصل الاجتماعي من التعرض لوجهات نظر متنوعة و مختلفة ويفضل معظمنا الإنماء والتفاعل مع مجموعات من المستخدمين ذوي التفكير المماثل لتأطير وتعزيز السرد المشترك في فقاعات أو غرف الصدى التي تتحدث بشكل ونوعية تشابه أفكارنا الخاصة وتعزز وجهات نظرنا.


 ‏ادعت دراسة حديثة تقتصر على مستخدمي تويتر أن الأخبار المزيفة تنتقل أسرع من الأخبار الحقيقية ومع ذلك ، تؤثر العديد من العوامل على انتشار المعلومات على منصات التواصل الاجتماعي. الاستقطاب عبر الإنترنت


 ‏الاستقطاب عبر الإنترنت ، على سبيل المثال ، يعزز انتشار المعلومات الخاطئة و المضللة وحتى نشر الكراهية.


 وقد تحد خوارزميات المنصات الإجتماعية من عملية التعرض لمعلومات مختلفة عن تلك ألتي في فقاعاتنا من خلال اقتراح محتويات مشابهة لتلك التي نتعرض لها فقط و تتناسب مع ما نستهلكه.


 ‏علاوة على ذلك نحن كبشر نظهر ميولاً إلى تفضيل المعلومات التي تلتزم بمعتقداتنا والانضمام إلى مجموعات تشكلت حول سرد مشترك لما نؤمن به ، أي غرف الصدى الخاصة بنا أو فقاعاتنا الأمنة.


 ‏وفقا لنظرية الاستقطاب الجماعي ، يمكن أن تعمل غرفة الصدى كآلية لتعزيز الرأي الحالي داخل المجموعة/الجماعة/المجتمع ، ونتيجة لذلك ، تحرك المجموعة بأكملها نحو مواقف أكثر تطرفا في الدفاع عن وجهات نظرهم وأفكارهم.


 ‏ثبت أن الأفكار المعزولة موجودة في أشكال مختلفة من الوسائط عبر الإنترنت مثل المدونات والمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع وخطير.


 اليوم أكثر من أي وقت مضى نحن كبشر مقسمين و منفصلين عن كامل الصورة و الحقائق ما يزيدنا تقسيماً ويمنح فرصة للتطرف لإيجاد طريقه داخل حواراتنا.


 البيئة التي يواجه ويتفاعل فيها الشخص فقط مع المعتقدات أو الآراء التي تتوافق مع آرائه وقناعاته،


 ويتواصل مع أولئك الذين يؤمنون بآراء مشابهة فحسب،فتسود حالة من الوهم بوجود توافق واسع النطاق.


 ‏هناك أطراف في هذا الفضاء الميدياتيكي الواسع ناجحون جدا فى نشرالأكاذيب وتغييب العقول داخليا!


 وتظل هذه المنطقة من العالم وجمهورها المتوهم  تعيش في غرف الصدى والمرايا العاكسة للخطاب الإيديولوجي الموجه الملغم بأفكار قد يجهلها غالبية مرتادي هذه المنصات ومحاطة بسياج من زيف الحقائق والأوهام لتجد نفسها دوما أنها لاتنتمي إلى هذا العصر بأي شكل من الأشكال،تقول الباحثة ‏إليف شفق: "غرف الصدى" هى تكرار التجربة والمعلومة، البشر غير مبرمجين على التعلم من كثرة التكرار، بل تعدد التجارب واختلافها، وهنا تكمن اهمية التنوع لمواطني الإنسانية".


 ‏جاك دوروسي المدير التنفيذي لشركة ‎تويتر وفي تصريح لـ ‎واشنطن_بوست قال إنه بصدد تجربة مزايا جديدة تسمح بظهور الاّراء المخالفة على التايم لاين بهدف الحد من ظاهرة (غرف الصدى) التي تجعل من المتابعين يتابعون المتوافقين مع ارائهم ما يؤدي لاعتقادهم ان هذه الاّراء حقيقة.


 ‏"الجرأة على التفكير تتطلب دائما الخروج مما يمكن توقعه في الحال.في عالم تجتازه غرف الصدى والتحيزات المعرفية التي تفرضها الشبكات الاجتماعية،يبدو أن حتمية نيتشه التي تذكر أن مهمة المفكر جاءت في وقت متأخر.التفكير ضد الوقت أوالظرف الحالي هو أحد أكثر الشعارات الفلسفية إغراءً وتعقيدًا"


 ولذلك يقال:‏ ينتهي الأفراد حينما يفضلون قضاء معظم أوقاتهم في غرف الصدى التي لا يسمعون فيها إلا ترددات صوتهم الأثير . فتح نوافذ هذه الغرف فجأة يصيبهم بالارتباك والجنون.


 يقول الصحفي والباحث كرم نعمة:‏توجد مناهضة متصاعدة لكل ماهو حقيقي على الإنترنت ذلك ماتكشفه مواقع التواصل المختطفة من قبل جيوش من الحمقى مما يترك الأفراد الواعين خائفين من التعبير عن آرائهم ممّن يريدون تبادلا حقيقيا وديمقراطيا للمعلومات والأفكار، لكن التضخيم في غرف الصدى المليئة بالعبث الفارغ قد يثبطهم.


 ويقول الدكتور محمد رويلي:‏غرف الصدى (echo chambers) هو مصطلح يطلق على القروبات التي تحتوي فقط على أفراد متشابهين في الأفكار، وكل نقاشهم من قبيل "شد لي وأقطع لك"، ولا فيهم واحد يخالف الثاني.


 القرآن أشار إلى غرف الصدى في قوله ﷻ:


 ﴿وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم﴾ [العنكبوت:٢٥]


 ‏وهذه الآية وردت على لسان إبراهيم ﷺ لقومه أن عبادتهم الأوثان هي من باب التوادّ والألفة والاجتماع، وليس عن قناعة.


 ولذلك عزيزي احذر من "غرف الصدى" والطبول اللي فيها، ولا تكن طباقة.


 وفي الاخير وكحلول لهذه الظاهرة والفوضى والشتات الذهني والتقني والمجتمعي الذي خلقته هذه الظاهرة نقول أن هناك خطوات عملية يمكن ان نتخذها كعملاء أفراد لمقاومة خوارزميات التواصل الإجتماعي:


 ١. إدراك أنك ترى العالم المحيط بك عبر رؤية ضيقة للغاية ومحددة لك مسبقا بالخوارزميات. القراءة والتثقف حول سيطرة الخوارزميات ستشجعك على التشكيك بصحة المعلومات التي تصلك والسعي لفهم وحلول أكثر نضجا وعمقا.


 ‏٢. اجعل الخوارزمية توسع دائرة بحثها:


 - غير الاعدادات للسماح بالتوصيات العشوائية


 - اتبع عمدا أصحاب الرؤى المعارضة


 - استكشف المنصات بشكل استباقي، ولا تستهلك المحتوى المخصص لك بشكل سلبي. سوف تلتقط الخوارزمية استكشافك وستعرض لك المزيد منه.


 ‏٣- اخرج تماما من غرف الصدى الرقمية، أعطِ المزيد من الانتباه للمحادثات والمشاعر والملاحظات والتأملات في الحياة الحقيقية، أذ الفوضى هناك طبيعية وليست مختلقة.


 ‏٤. اختر التعرض لتحيز بشري على تحيز الآلة، ذلك أن ملخصات مدراء التحرير أكثر أخلاقية وصرامة من ملخصات البريد الالكتروني وقوائم التواصل الاجتماعي، ذات تحيز الخوارزميات غير الموضوعي.


 📌 المراجع :


 1-علي الطويل، مستقبل البشرية..يقلقني! ،2021،موقع علي الطويل على الرابط


 https://alitweel.ly/blog/2021/10/16/humanitys-future-concerns-me/


 2-رانا الربضي، فقاعات التصفية وغرف الصدى،


 مفهوم فقاعات التصفية وغرف الصدى وأخطار التعرض لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي،منصة ملهم، 2021,على الرابط


 https://2u.pw/DovGO


 3-نور حطيط، الأخبار الزائفة بين فقاعات التصفية وغرف الصدى، مدونة مسبار، 2021،على الرابط


 https://2u.pw/Xgs6b


 4-الموقع الإلكتروني FADI ALASWADI، فقاعة الترشيح Filter Bubble كيف شركات الانترنت تعرف عنك اكثر مما تعرف عن نفسك؟، 2017,الرابط


 https://2u.pw/OCCzL


 5-ديفيد روبسون، التقوقع على الإنترنت ليس السبب الوحيد للاستقطاب السياسي، 2018,الرابط


 https://www.bbc.com/arabic/vert-fut-43832008


 6-خالد حمود شريف، غرف الصدى والإستقطاب السياسي، مارس2022، الرابط


 https://twitter.com/0khalodi0/status/1508392652080885761?t=iesquDy5OkEJxPLQXG_CXw&s=19


 7- مارك زو ساندرو، كيف تفكر في نفسك بينما تتحكم الخوارزميات فيما تقرأه؟، 2018،منصة مدرة، الرابط


 https://2u.pw/pxiVS


 8- صفحة الدكتور محمد الرويلي عبر تويتر


 9- صفحة الباحث والصحفي كرم نعمة تويتر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نريد معرفة يوميات الأخرين؟...بين سيميولوجيا الجذب لدى نجوم الميديا وترندينغ الجمهور الشبكي

الدعايات المحوسبة...الجيل الجديد من حروب الهاشتاغ و صناعة البوتات الرقمية عبر منصات الميديا الجديدة

خلف كواليس شاشات السوشيال ميديا! ... لعبة صناعة التأثير والتسويق للمؤثرين